قلت: أجل.. لقد وعيت هذا..
قال: فاعبر منه إلى سائر الحواس.. فالله الذي يتصرف في الأعين يتصرف في اللسان والآذان وفي كل جوارح الإنسان ولطائفه.
قلت: أيمكن إذن أن يرزق الله الفقراء بمعيشتهم البسيطة من الراحة واللذة والسلوان ما لا يجده الأغنياء؟
قال: أجل.. فالخلق خلق الله.. واللذات نعم من نعمه، يوزعها لمن يشاء، وكيف يشاء.
قلت: ألا علاقة لها بالأشياء؟
قال: لا علاقة لها بالأشياء.. ألم تسمع قوله تعالى:{ وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}(الزخرف:33 ـ 35)؟
قلت: بلى.. سمعتها.. فما علاقتها بهذا؟
قال: إن الله يخبرنا بأن السعادة ليست في الأشياء..
قلت: أهي مثل قوله تعالى:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طـه:124)؟
قال: أجل.. وقد عبر عن هذا الضيق بالضنك ليشير إلى أن حياة هؤلاء قد تكون واسعة من حيث الأشياء.. ولكنها ضيقة، بل ضيقة جدا من حيث بركات