وقال الثاني: معصية أورثت ذلاً وافتقاراً، خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً.
قلت: عرفتك أنت ابن عطاء الله.. أنا أحفظ حكمك حرفا حرفا.. ولكن أليس في قولك هذا دعوة للمعصية!؟
ابتسم، وقال: الطاعة المضمخة بسم الكبرياء قاتلة، والمعصية المشبعة بترياق الشفاء دواء.. واسأل المعلم، فمنه تعلمنا.
قال المعلم: لو قدم لك أحدهم عسلا مصفى، أكان محسنا لك؟
قلت: وأي إحسان أعظم من هذا؟.. إن العسل في بلادنا لا يكاد يظفر به إلا ببذل الأموال الطائلة.
قال: ولكنه لو خلط معه سما.
قلت: يكون حينها قاتلا سواء مت من عسله، أو لم أمت.
قال: هل يعتبر بذلك مجرما أم محسنا؟
قلت: وأي إجرام أعظم من جرمه، بل إن في غشه لي بتقديم العسل كمن يريد أن أثني عليه وهو يسفك دمي، أو كمن يرشوني ليقبض روحي.
قال: والذي يقدم لك طعاما مرا، ولكن ترياق الشفاء فيه، أيكون محسنا أم مسيئا؟
قلت: بل يكون محسنا غاية الإحسان.. ألم تسمع قوله a:( ماذا في