رسالته، أما المستضعفون، فآمنوا
به، وأما الملأ من المتكبرين فظلوا على كفرهم.
قال: أتدري ما سر إيمان
المؤمنين؟
قلت: لقد عرفنا بأن سر ذلك
هو الافتقار.
قال: ذلك ما أرشد إليه
الشعاع السابق، أما هذا، فيدلنا على سر آخر.
قلت: ما هو؟
قال: إن مقابلة المستضعفين
بالملأ المتكبرين يدل على أن المستضعفين قد تحققوا بالانكسار والتواضع الذي أهلهم
ليظفروا بالاختيار الإلهي.
قلت: أللانكسار لله
والتواضع كل هذه القيمة؟
قال: أجل كما أن المتكبر
أعظم اليائسين من رحمة الله، فإن المتواضعين من أعظم الراجين لها.
قلت: ومن نطق بهذا الحكم
الخطير؟
قال: ألم تسمع إلى قول الحق
تعالى:{
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ
لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ
فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ}(لأعراف:40)
قلت: لقد شبه الحق استحالة
دخول المتكبرين الجنة باستحالة دخول الجمل سم الخياط، ( فجسم الجمل أعظم الأجسام،
وثقب الإبرة أضيق المنافذ، فكان ولوج الجمل في تلك الثقبة الضيقة محالا )