قلت: أما التفسير، فعلي،
فالله تعالى في هذه الآية يخبر عن القصد من بلائه واختباره لعباده، فهو يبتليهم
بالفقر والغنى، ومن النتائج التي تنتج عن ذلك البلاء أن يقول المستكبرون
المتعالون:{ أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا }، فرد الله
تعالى عليهم بكونه أعلم بالشاكرين.
قال: أما وجه الإشارة،
والعزاء للمستضعفين، فهو ما يحمله قوله تعالى:{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ
بِالشَّاكِرِينَ }، فإن الله تعالى يعلل مننه على عباده الذين قربهم بكونهم من
الشاكرين.
قلت: لم يكون فضل الله
وجميل اختياره مرتبطا بالشاكرين؟
قال: أرأيت لو أنعمت على
بعض إخوانك بنعم، وقدمت لهم خدمات أرهقتك، فنظر بعضهم إليك شزرا، وانصرف.. وقال
بعضهم: (ما هذه الخدمات الحقيرة، والعطايا الصغيرة ).. وجاء بعضهم فقبل يديك، ومسح
على رجليك، وقال:( نحن في خدمتك، فجزيت عنا كل خير ).. أي هؤلاء تفضله بعد ذلك
بالعطاء إذا سنحت لك السوانح، ودر عليك اللطف؟
قلت: الشاكرين.. لا شك في
ذلك، فكيف يمتد عطائي للجاحدين، بل إني لو استطعت أن أسلبهم ما أعطيتهم، وأخرج
طعامي من بطونهم أو أحوله سما لفعلت.
قال: وكذلك الحق تعالى مع
كرمه العظيم، فإنه قد يسلب هؤلاء نعمهم، كما قال تعالى عن قرى
سبأ لما أعرضوا عن شكر الله:{ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ