قال: ليست العبرة بكونه ثريا، بل العبرة بشعوره بثرائه، فقد ترى الفقير مستعليا، وترى
الغني متطامنا، ولهذا قد يتحقق الغني بالافتقار الذي يؤهله لدخول هذه القصور، وقد
يحرم الفقير الذي ملأ عيني قلبه بما عجز عن تحقيقه لجيوبه.
قلت: فعينه بصيرة، ويده
قصيرة.
قال: ويدل لذلك قوله a:( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة
ولا يزكيهم ولاينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر )[1]
قلت: فالافتقار إذن هو
السبب في مبادرة هؤلاء المستضعفين إلى الحق.. فالافتقار إذن نعمة أهلتهم لاختيار
الله لهم.
الشعاع الثاني:
نبهني معلم السلام من
شرودي، وأخذ يرتل بصوته الجميل الخاشع قوله تعالى:{ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا
بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ
بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}(الأنعام:53)
قلت: هذا هو الشعاع
الثاني.. فما وجه الإشارة فيه؟
قال: لا تحل الإشارة قبل
العبارة، ولا يحل التأويل قبل التفسير.