قال: هذه الآيات تبين لك سنة الله مع الأتقياء من
عباده، فهو يرزقهم من حيث يحتسبون ، ومن حيث لا يحتسبون.
قلت: ذلك صحيح.. وقد سمعت قوله تعالى عن مريم
ـ عليها السلام ـ ما يملأ الصدر ثقة بفضل الله، فقد قال الله تعالى فيها:{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا
بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ( (آل عمران:37)، ولكن كل ذلك يكاد
يكون خاصا بها، أليست أم المسيح u؟
قال: ومن قال ذلك؟ الله عدل يعامل خلقه معاملة
واحدة.. كونوا كمريم طهارة وعفة ، وسيأتيكم من فضل الله ما يغنيكم عن مد أيديكم
لغيره.
قلت: أيمكن أن تحصل لنا من كرامات الرزق ما حصل لمريم
ـ عليها السلام ـ؟
قال: إذا اجتهدتم أن تكونوا مثلها، فترزقون بمثل ما
رزقت.
قلت: من الغيب؟
قال: من الغيب، أو من الجيب.. فالله ربهما جميعا.
قلت: إن هذا سيشيع روح التواكل.
قال: من عرف الله ووحده لا يخاف عليه من هذا الذي
تخافونه.
قلت: إن خوفنا من تسلل مثل ذلك الانحراف جعلنا نوسوس
في طرح