صَادِقِينَ}(آل عمران:168)
قلت: إذن أنت تقر معي بذم العجز، فكيف يستقيم هذا مع طلب العجز، ومد اليد بلسان العجز؟
قال: العجز والقوة أمران نسبيان، فقد تظهر قوتك مع شخص، وتظهر عجزك مع آخر، فتكون قويا في الأول عاجزا في الثاني.
قلت: هذا صحيح، فإظهار قوتي مع من هو أقوى مني فضيحة لي، وقد يجرني إلى المتاعب التي لا أتحملها.
قال: فكيف إذا كان هذا القوي الذي يفوقك قوة هو الله؟
قلت: إظهار قوتي مع الله حمق.
قال: وهذا هو الذي عناه الأولياء بلسان العجز، فهم لا يريدون عجز الكسل، وإنما يريدون عجز الأدب.. ألم تسمع قصة الصاحبين المتحاورين في القرآن الكريم؟
قلت: بلى.
قال: فما هو المظهر الذي ظهر به الصاحب الذي رزقه الله الجنتين؟
قلت: بمظهر الكبرياء والاعتزاز بالقوة، كما قال تعالى:{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً}(الكهف:34 ـ 36)