قال: فهل يصلك نوالهم؟
قلت: كيف يصلني نوالهم، وقد رمموا؟
قال: فلماذا تشغل قلبك بكرم بعيد إما في أصقاع الأرض، أو في أطباق الثرى، وتنسى الكريم الذي هو أقرب إليك منك.
قلت: الله؟
قال: الله، فهو أكر م الأكرمين، وأقرب الأقربين، ألم تسمع قوله تعالى:{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}(يونس:61)
قلت: فما علاقة هذا القرب بالكرم؟
قال: القرب نفسه كرم، فمن عرف قرب الله أعطاه الله من الغنى والسعادة ما يحتقر به الأحجار التي تتباهون بها، وتملأون بها خزائنكم؟
قلت: فهل وجد المقربون لله هذه الثمرة الزكية؟
قال: وكيف لا يجدونها، وقد عاشوا بها.. فقد عمر الله عليهم حياتهم، فامتلأت أنسا، وعمر عليهم أنفاسهم، فامتلأت ذكرا، وشغل خواطرهم فلم يخطر عليها غيره.
ثم التفت إلي، وقال: من صادق منكم أميرا أو وزيرا أو ملكا أيشعر بالفقر والحاجة، أو الحزن والألم؟