قال: وتأبون إلا الذلة على أبواب
الذين يحتقرونكم، ويسدون أبوابهم في وجوهكم.. أخبرني هل ورد في القرآن الكريم ما
يدل على حرمان الفقراء من الحديث مع الله؟
قلت: كلا.. بل أراه يخبر عن فضلهم،
بل يثني عليهم من الثناء ما لم ينله غيرهم، قال تعالى:{ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ
مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ
فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}(الأنعام:52)
قال: فهؤلاء هم الفقراء إلى الله
على الحقيقة شغلتهم إرادة الله عن الطواف ببيوت عباده، وشغلهم الرجاء في الله عن
التعلق بغير الله، وشغلهم النظر لما في يد الله عن الطمع فيما في أيدي عباده.
قلت: صدقت في هذا..
قال: ما المدة التي يستطيع كرامكم،
حاتم وغيره، أن يكرموا بها؟
قلت: مدة الضيافة، وهي ثلاث، وقد
تمتد أسابيع، أو أشهرا.
قال: فلنفرض أنها تمتد العمر
جميعا.. فماذا بعد ذلك؟
قلت: لا بد أن ينتهي الكرم في يوم
ما.
قال: الكريم الحقيقي لا ينتهي كرمه،
بل يستمر أبد الآباد، بل إنه ادخر كرمه الحقيقي إلى الوقت الذي ييأس فيه الخلائق
من كرم بعضهم بعضا.