العذاب عنهم فيقيسون عليه عذاب
الآخرة، كما قال تعالى:{ وَيَقُولُونَ
فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ }(المجادلة: 8)، فقال
تعالى جواباً لقولهم:{ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ
الْمَصِيرُ}(المجادلة: 8)
وترتيب القياس الذي نظمه في قلوبهم
أنهم يقولون: قد أحسن الله إلينا بنعيم الدنيا، وكل محسن فهو محب، وكل محب فإنه
يحسن أيضاً في المستقبل[1].
قلت: أليس كل محسن محب، أو لم تستدل
أنت على كون الله محبا لنا بإحسانه إلينا؟
قال: بلى .. كل محسن محب، ولكن من
قال لهم: إن هذا إحسان محبة، ألم يجعل الله الدنيا دارا للابتلاء، كما قال تعالى:{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ
وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}(الانبياء: 35)، فالله تعالى يبتلي بالغنى كما يبتلي بالفقر،
ويبتلي بالقوة كما يبتلي بالعجز؟
قلت: لقد فهمت هذه الخدعة، وما أكثر
انتشارها بين قومي، بل إن القرآن الكريم نص عليها باعتبارها مغالطة من المغالطات
الكبرى التي قد يخدع بها كل إنسان إلا أولو الألباب، فقال تعالى:{ فأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ
فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا
ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}(الفجر:15 ـ 16)