قلت: أتضرب لي أمثلة على خداع النفس.
قال: نعم، سأضرب لك مثالين على خداع النفس، وتلاعبها بصاحبها.
قلت: فما المثال الأول؟
قال: خدعة اسمها ( خدعة الإحسان السابق )
قلت: ما هي هذ الخدعة؟
قال: عبر عنها شاعركم بقوله:
لقد أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي
قلت: هذا قياس، ولعل معناه صحيح، فإن صاحب الإحسان السابق لا يستغرب منه الإحسان اللاحق.
قال: والمخادع هو الذي يلبس لباس الحق ليشتري به الباطل أو ليبيع به الباطل.
قلت: فأي باطل هذا الذي يريد ببيعه أو شراءه؟
قال: هو باطل الهوى، فهو كلما هوى شيئا اشتراه بمخادعته لنفسه، ألم تسمع قوله تعالى في خبر الرجلين المتحاورين:{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً}(الكهف:36)؟
قلت: بلى .. ولكن كيف احتالت النفس على نفسها بهذه الحيلة؟
قال: هو قياس من أقيسة إبليس .. وذلك أنهم ينظرون مرة إلى نعم الله عليهم في الدنيا فيقيسون عليها نعمة الآخرة، وينظرون مرة إلى تأخير