قال: دع ما يحول بينك وبين ربك من
نفسك، فلا يمكن أن تمد يدك إليه ويدك ممدودة إلى نفسك..
ثم التفت إلي، فرأى تساؤلات كثيرة
في عيني فقال: أتعلم ما هو أشد المواقف على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في فترة رسالته الأولى قبل البعثة.
قلت: أشدها ذهابه إلى الطائف، حيث
تقطن ثقيف، وهي تبعد عن مكة نحو الخمسين ميلاً، سارها محمد a على قدميه جيئة وذهوباً، فلما
انتهى إليها قصد إلى نفر من رجالاتها الذين ينتهي إليهم أمرها، ثم كلمهم في
الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوه -جميعاً- رداً منكراً، وأغلظوا له الجواب. ومكث
عشرة أيام، يتردد على منازلهم دون جدوى.
فلما يئس الرسول a من خيرهم قال لهم: إذا أبيتم،
فاكتموا عليَّ ذلك -كراهية أن يبلغ أهل مكة، فتزداد عداوتهم وشماتتهم- لكن القوم
كانوا أخس مما ينتظر. قالوا له: اخرج من بلدنا، وحرّشوا عليه الصبيان والرعاع
فوقفوا له صفين يرمونه بالحجارة. وزيد بن حارثة يحاول الدفاع عنه حتى شج في ذلك
رأسه.
وأصيب الرسول a في أقدامه، فسالت منها الدماء
واضطره المطاردون إلى أن يلجأ إلى بستان لعتبة، وشيبة، ابني ربيعة، حيث جلس في ظل
كرمة