قال: التي بين جنبيه،
فافتقاره إلى الخلق يبدأ من افتقاره لنفسه، وافتقاره لنفسه هو الذي يجعله يدق
أبواب الخلق.
قلت: فكيف يمد يده لنفسه..
لم أر في حياتي رجلا يقف في مكان خال أمام مرآة يضع يده ينتظر أن توضع فيها أي
صدقة.. إلا إذا كان مجنونا.
قال: بل كل الشحادين يقفون
هذا الموقف، بل كل من لم يمد يده إلى الله يمد يده إلى نفسه، ويقف هذا الموقف الذي
استنكرته.
قلت: لكني لم أر أحدا يفعل
ذلك.
قال: الفقراء والأغنياء
يفعلون ذلك.
قلت: اشرح لي، فلا أطيق
الإلغاز.
قال: عندما يقرر الملك أمرا
من الأمور، ويحب أن ينفذه، ماذا يفعل؟
قلت: يستنجد بوزرائه
وأعوانه.
قال: أيمد يده إليهم طالبا
المعونة؟
قلت: نعم، مثلما قص القرآن
الكريم على ملكة سبأ، حيث قالت لقومها:{ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي
أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ}(النمل: 32)
أو مثلما قال الملك في قصة
يوسف u لأعوانه:{ إِنِّي أَرَى
سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ
خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ
كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}(يوسف:43)