الحقيقة الرابعة:
قلت له: فما الحقيقة الرابعة؟
قال: من ألقاك في متاهة، أيكون بذلك قد عاقبك؟
قلت: أعظم عقوبة، بل لعله لم يرد إلا قتلي، ولكنه خشي تلطيخ يديه فاكتفى برميي للموت يلتهمني.
قال: فإن أعطاك بوصلة تهتدي بها، وعلمك كيفية استخدامها؟
قلت: يكون قد أحسن لي بذلك، ولكنه مع ذلك فقد أساء، فما عساها تصنع البوصلة لي، أأركب عليها، أم أشرب ماءها، أم آكل طعامها؟
قال: فإن أعطاك كل ذلك: مركبا وزادا وماء؟
قلت: يكون إحسانه أعظم.
قال: وهل تأمن حينها.
قلت: نعم يزداد أمني، ولكني مع ذلك أخاف السباع أن تعتدي علي.
قال: فإن أمنك من السباع، أو أعطاك ما تقتل به السباع.
قلت: يكون قد أحسن إحسانا عظيما، وأنقذني من الموت، لكني سأظل أتساءل عن علة وضعي في تلك المتاهة؟
قال: فإن أرسل لك بأنه لم يرد لك إلا الخير، وأنك إذا رجعت إليه من تلك المتاهة سيعطيك قصرا فخما ويتوجك ملكا.
قلت: سينتفي حقدي عليه حينها، ولكني سأظل أتساءل عن علة ذلك.