قال: فأنت أقررت إذن بأن الله تعالى
وفر للرضيع كل ما يحتاجه.
قلت: لا شك في ذلك، وذلك ليس كلامي،
بل هو كلام الخبراء.
قال: أفتدرك الآن قيمة الرزق الذي
ساقه الله لهذا الرضيع، أليس في هذا اللبن آية؟
قلت: نعم، بل آية كبرى، فالمصانع
الضخمة عندنا، والخبراء الكثيرون لم يستطيعوا أن يكونوا قطرة واحدة من حليب الأم.
قال: فاسمع إذن لما يقول الحق تعالى
عن هذه الآية، قال تعالى:{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً
نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً
سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} (النحل:66)
قلت: ولهذا أمر الله تعالى تحقيق
شكر هذه النعمة باستخدامها لا بتعويضها بأي شيء آخر، فقال تعالى:{ وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضَاعَةَ } (البقرة:233)
قال: فإذا كبر الرضيع وفطم من أن
يأتيه رزقه؟
قلت: لقد جعل الله من الرحمة في
قلوب والديه ما يحيل عليهما التفريط في تغذيته وصحته، بل إنهما يؤثرانه على
نفسيهما، ويطعمانه ولا يأبهان بما يعاملهما به من القسوة.
قال: فالرحمة الفطرية إذن هي التي
توفر الدواعي على رزق الصبي