قلت: وكيف أخاف عليه، وهو يأتيني
رغدا وبانتظام، ولكن قد أخاف إن لم تكن جهة موثوقة.
قال: فإن كانت جهة موثوقة.
قلت: قد لا أخاف على وعدها ووفائها
وجميل صدقها، ولكني أخاف على التقلبات التي قد تحدث فتمنعها من الوفاء بما ضمنته.
قال: فإن كانت فوق التقلبات.
قلت: تقصد أن يأتيني رزقي من جهة لا
دخل للوزارة فيها.. فالوزراء يتحولون كل حين، ويعزل كل جديد كل قديم.
قال: ولا دخل للملوك والأمراء
والرؤساء.
قلت: إذن أنام قرير العين لا أختلف
عن الملوك ولا عن الوزراء والرؤساء.
قال: فقد وعد الله إذن عباده برزقه،
ووعده لا يتخلف، ألم تسمع قوله تعالى:{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ
إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا
كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}(هود:6)، فقد وعد الله بتنزل أرزاقه على كل ذي حياة على
هذه الأرض، فهل ترى في هذا من تخلف؟
قلت: لا، بل أرى أرزاق الحيوانات
تساق إليهم عفوا، لا يحتاجون إلا إلى تناولها.
قال: ومثل ذلك أرزاق الإنسان إلا
أنه يأبى إلا أن يعقد ما بسط الله.. أتدري لم يحرم الموكل بأرزاق البشر بعض العباد
رزقه؟