قلت: ولكنه بأيديهم يرفعون فيه
ويخفضون، فيمتلكون به رقاب الناس.
قال: لا.. الطعام لا يختلف عن الماء
والهواء، ولكن الناس بما ابتدعوه فيه سلموا رقابهم لمن يسقيهم الويلات بسببه.
قلت: كيف؟
قال: أنتم لا تأكلون ما يسد حاجتهم،
ويحفظ قوامكم، ولكنكم اتخذتم الأكل حرفة، تظل المرأة طول نهارها من أجل وجبة أو
وجبات أكثر ما فيها لغو وعلل.
قلت: نعم.. إني حينما أرى تلك
الجهود المبذولة في التقطيع والتصفيف والمزج والتخليط أشعر بالضيق يدب إلى نفسي،
لأن كل ذلك التخليط سينزل إلى المعدة، ولا يهمها أن يأيتيها مصففا أو غير مصفف.
قال: فأنتم الذي ضيقتم على أنفسكم،
أما الله فإن رحمته وسعت كل شيء، ورزقه لم يحرم منه أحدا، وسنرى تفاصيل هذا في
الحقيقة الثانية.
قلت: فقد فهمت هذه الآية، فهل من
آية أخرى؟
قال: لو ظللنا نعد آيات الله في
رزقه لبقينا جميع دهرنا أمام هذه الجوهرة لا نبرحها، ولكن سأدلك على ملاك ذلك كله.
قلت: فهات، فما أحوجني إلى المجامع
والأصول.
قال: أرأيت إن ضمنت لك جهة ما رزقك،
بحيث يأتيك مياومة أو مشاهرة أو مسانهة، أكنت تخاف عليه؟