قلت: إن في القرآن الكريم إشارة
جميلة إلى هذا، فقد قال تعالى على لسان إبراهيم u:{ رَبَّنَا إِنِّي
أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ
الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ}(ابراهيم:37)، فمكة المكرمة بواد غير ذي زرع، فحنن الله القلوب إليها،
فإذا برزقها يفاض عليها من كل مكان.
قلت: تلك مكة المكرمة..
قال: ومثلها كثير من بلاد الله، بل
قد تجد أهل الأرض الشحيحة أكثر غنى من أهل الأرض السخية.
سكت، فقال: سأعطيك مثالا لن يخالفك
فيه أحد.
قلت: ما هو؟
قال: هذا الهواء الذي تتنفسه، هل
جعل الله في طاقة البشر تملكه ومنع العباد عنه؟
قلت: لو أطاقوا لحجزوه في قارورات،
وباعوه للناس.
قال: وهذا الماء الذي تشربه، والذي
تفيض به الأنهار، والوديان والسماء.