قال: فهو يجري وراء السراب إذن، ومن
جرى وراء السراب، كان كالكلب { إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَث}(لأعراف: 176)
ثم التفت إلي، وقال: وأزيدك أمرا
آخر، فيه كل الراحة للزهاد، ألم تسمع قوله a:( من أصبح وهمه الدنيا شتت الله عليه أمره، وفرق عليه
ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن أصبح وهمه
الآخرة جمع الله له همه، وحفظ عليه ضيعته، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي
راغمة )[1]؟
قلت: هذه ناحية مهمة جدا، فالضياع
عندنا شائع، والتشتت النفسي منتشر.
قال: أتدري ما علة ذلك؟
قلت: ما نص عليه الحديث.
قال: ومثل هؤلاء كمثل من وضع في
مفازة ووضع له فيها من كل أصفر وأبيض وأخضر، فاحتار ما يأخذ وما يدع، فتشتت عليه
أمره، ولم ينل في الأخير إلا التعب والنصب.
ثم التفت إلي، وقد رأى في بعض
الوجوم: أزيدك أمرا آخر، ألم تسمع قوله a عندما سئل:( أي الناس خير؟)
[1] ) ابن ماجة من حديث زيد بن ثابت بسند جيد والترمذي من حديث
أنس بسند ضعيف.