نعم قال: ثم نمت طيبا قال: نعم فقال
إبراهيم فى نفسه: فما أصنع أنا بالدنيا والنفس تقنع بهذا القدر.
قلت: لقد ذكرتني بعامر بن عبد
القيس، فقد مر برجل وهو يأكل ملحا وبقلا فقال له: يا عبد الله أرضيت من الدنيا
بهذا؟ فقال: ألا أدلك على من رضى بشر من هذا؟ قال: بلى قال: من رضى بالدنيا عوضا
عن الآخرة.
وذكرتني بمحمد بن واسع فقد كان
يخرج خبزا يابسا، فيبله بالماء، ويأكله بالملح ويقول: من رضى من الدنيا بهذا لم
يحتج إلى أحد.
قال: أما حكاية أمن الزاهد أمام
المخاطر التي يتعرض لها الحريص، فقد روي أنه صحب رجل عيسى بن مريم u فقال:( أكون معك وأصحابك)
فانطلقا فانتهيا إلى شط نهر، فجلسا يتغديان، ومعهما ثلاثة أرغفة، فأكلا رغيفين
وبقي رغيف ثالث، فقام عيسى u إلى النهر، فشرب، ثم رجع فلم يجد الرغيف، فقال للرجل: من
أخذ الرغيف، فقال: لا أدري. فهذا أول آثار الحرص.
فانطق ومعه صاحبه فرأى ظبية ومعها
خشفان لها، فدعا أحدهما فأتاه فذبحه فاشتوى منه، فأكل هو وذلك الرجل، ثم قال
للخشف:( قم بإذن الله)، فقام فذهب، فقال للرجل:( أسألك بالذي أراك هذه الآية من
أخذ الرغيف )، فقال: لا أدري، ثم انتهيا إلى وادي ماء، فأخذ عيسى بيد الرجل، فمشيا
على الماء، فلما جاوزا قال له:( أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف )،