قال: أرأيت من ضحى بصحته وقوته
وعرضه ودينه من أجل لقمة شهية كاسبا أم خاسرا؟
قلت: بل خاسرا أعظم خسارة، فما تجدي
اللقمة أمام كل ما ضاع منه.. بل هو كمن باع قصرا فخما بحجارة لا تغني ولا تسمن من
جوع.
قال: فهذا هو عناء الحريص، وراحة
الزاهد.
قلت: ولكن مع ذلك.. لا ينبغي أن
نستنكر ما لتلك اللقمة من لذة.
قال: لذة مكتنفة بالغصص، ولا يعدم
الزاهد مثلها، أو أكثر منها مع ما استفاده من الراحة والأمن.
قلت: الراحة والأمن؟
قال: فإن الزاهد ينعم من الراحة
والأمن ما لا ينعم به الحريص.
قلت: فاضرب لي على ذلك مثالا.
قال: بل سأحكي لك عن كل منهما
حكاية، فالحكايات كالأمثال جند من جند الله.
قلت: فما حكاية الراحة؟
قال: كان إبراهيم بن أدهم من أهل النعم
بخراسان، فبينما هو يشرف من قصر له ذات يوم إذ نظر إلى رجل فى فناء القصر، وفى يده
رغيف يأكله، فلما أكل نام، فقال لبعض غلمانه:( إذا قام فجئنى به )، فلما قام جاء
به إليه، فقال إبراهيم:( أيها الرجل أكلت الرغيف وأنت جائع ) قال:نعم، قال: فشبعت،
قال: