قال: عندما لا تكون لك طاقة تحمل
معينة، فتحمل عليها ولا تتجاوزها، أيصيبك التعب لذلك؟
قلت: لا، لأني لم أجاوز مقدار
طاقتي.
قال: فالزاهد لا يجاوز مقدار طاقته
التي وهبه الله إياها، أما الحريص، فلحاجته لملأ الفراغ النفسي الذي يشكوا منه
تجده يحمل نفسه ما تطيق وما لا تطيق.
قلت: كيف؟
قال: هو يتصور الدنيا كمنجم ذهب
محدود عليه يتهافت الراغبون، فلو قعد لحظة واحدة لسبقه غيره، ولا يبقى له منه
شيئا.
قلت: والزاهدون كيف يرون الدنيا؟
قال: بنظرة مختلفة تماما، فهم يرون
الدنيا دار ضيافة إلهية لا يعدم الساكن فيها من رزق يساق إليه، فلذلك يتناوله
هنيئا مطمئنا مرتاحا يقول في نفسه: إن نفذ هذا، فسيرسل إلي صاحب المائدة رزقا آخر،
قد أصل إليه بسعيي، وقد يجيئني بسعيه إن قعد سعيي.
قلت: ولكن الناس لا يكتفون بالرزق
القليل؟
قال: ولكن تضحياتهم في سبيل الكثير
الذين يملأون به فراغ نفوسهم لا يقاوم ما ينالونه.