قلت: لا أظنه سيفعل، فما الفائدة
التي يجنيها بخروجه بكل تلك الزخارف، بل سيخرج كما سيخرج سائر الناس؟
قال: أفلا ترى أنهم بذلك الموقف
الذليل الذي وقفوه جذروا في نفسه كبرياءه، وجذروا في نفوسهم الذلة؟
قلت: أجل، وقد أشار القرآن الكريم
إلى هذا حين قال تعالى:{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا
قَوْماً فَاسِقِينَ}(الزخرف:54)
قال: أفكان فرعون يجرؤ على أن
يقول:{ يَا
أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}(القصص: 38)، ويقول:{ أَنَا رَبُّكُمُ
الْأَعْلَى} (النازعـات: 24) لولا قلة عقول قومه وتهافتهم بين يديه كتهافت الفراش؟
قلت: لا، فالذلة هي المحل الذي يمكن
للكبراء، ولو أن الناس أروا من أنفسهم عزة لما تجرأ عليهم أحد.. فالزهد إذن هو ما
يقي المؤمنين من مهاوي الذلة التي يوقعهم فيها الحكام.
قال: ليس الحكام فقط، فقد كان قارون
غنيا، ولم يكن حاكما.