قلت: فهمت.. فإن العزة تاج فوق رؤوس
الزهاد لا يراه الراغبون.
قال: والقرآن الكريم يدل على ذلك.
قلت: أفي القرآن الكريم هذا؟
قال: أجل، فلنعد إلى قصة قارون، ما
هو موقف الرغبين في الدنيا عندما رأوه؟
قلت: لقد سال لعابهم، وهم يرون
مراكبه الفاخرة وزينته التي خرج بها، كما قال تعالى:{ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ
فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا
مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}(القصص:79)
قال: ولماذا خرج في زينته ما دام
قومه سيحسدونه هذا الحسد؟
قلت: بل خرج لأجل أن يحسدوه، فهو
يكاد يشمت بهم بخروجه.
قال: وفي ذلك الحين الذي يراهم فيه
مشدوهين نحو طلعته ومراكبه وزينته، ماذا كان يتصورهم؟
قلت: يراهم كالذباب المتهافت حول
الطعام.
قال: هم أذلاء إذن؟
قلت: بل أذل من الذباب، لأن الذباب
إن تهافت حول الطعام نال منه، وهؤلاء لا ينالون إلا الحسرة والألم.
قال: ولو أن هؤلاء لم يلتفتوا إلى
زينة قارون، ولم يأبهوا له، ولم يعيروهم نظراتهم، أكان يهتم بمثل هذه الزينة،
ويخرج بهذا الكبر.