قال: فماذا قال له الكمل من قومه من
الذين آتاهم الله العلم والزهد؟
قلت: لقد قالوا له ـ كما نص القرآن
الكريم ـ:{ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ
فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:76 ـ77)
قال: فقد نصحوه بالزهد فيما آتاه
الله.
قلت: ولكنهم لم يحرموا عليه التمتع
بما أوتي من الكنوز، فقد قالوا له:{ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا }
قال: ولكنهم حرموا عليه التلطخ بتلك
الكنوز، وقد قلنا:إن فرقا كبيرا بينهما.
قلت: كيف؟
قال: التلطخ أن تملأ الدنيا قلبك
فتشغلك عن الله، وعن توظيف نعم الله فيما أمر الله.
قلت: وهو ما نصح به هؤلاء قارون فقد
نصحوه بالإحسان بما تفضل الله عليه.
قال: عندما خرج قارون في زينته تجلى
موقفان من مواقف الناس، هي في الحقيقة مواقف البشر جميعا من الرغبة والزهد.
قلت: نعم، موقف الذين يريدون الحياة
الدنيا، وموقف الذين أوتوا العلم.