قال: إن قومك في مجالسهم يميزون بين
الكبار والصغار، فيجعلون لكل منهم محله الخاص به.
قلت: نعم، فللكبار كراسيهم التي
تتناسب مع طولهم وعرضهم، بينما الصغار لا تتناسب معهم إلا الكراسي الصغيرة لصغر
أحجامهم.
قال: أنا لا اتحدث عن صغار السن، بل
عن الصغار المحتقرين المستضعفين.
قلت: وأنا لا أتحدث إلا عنهم، فإنهم
في منطق الكبراء، أو نتيجة للهزال الذي عرضهم له الكبراء صارت كراسيهم لا تختلف عن
كراسي الصغار.
قال: ففي أي المجالس تحب أن تجلس
أنت، أو يحب أن يجلس قومك؟
قلت: إن أردت الصراحة، فإنه لا أحد
من الناس إلا ويحلم بالجلوس على تلك الكراسي الوثيرة، والركوب في تلك المراكب
الفارهة، والنزول في تلك الفنادق الفخمة ذوات النجوم الكثيرة.
قال: فأنت إذن تحب مصاحبة الكبار..
قلت: لست وحدي في ذلك، بل كل قومي..
بل أحسب ذلك طبيعة إنسانية.
قال: نعم هي طبيعة إنسانية.. بل
طبيعة كونية، فالكمال محبوب بالطبع.
قلت: فما علاقة هذا بهذه الجائزة؟
قال: الزهد هو الطريق الوحيد الذي
يضعك مع الكبار، ويجلسك