الهمة:
قلت: فما الجائزة الأولى؟
قال: جائزة الهمة العالية التي يتحقق بها الزاهد.
قلت: لم أفهم.
قال: أرأيت من كان أمله في مستقبل حياته أن يكون حمالا أو حطابا، أيتساوى مع من همته أن يصير وزيرا أو ملكا أو استاذا كبيرا وعالما خطيرا.
قلت: بل همة الثاني أعلى.. ولكن أنى له أن يتحقق بما يحلم به.
قال: أرأيت إن وجدت من يوفر لك دواعي الهمة الثانية، وييسر لك سبيلها، ألا يكون بذلك قد قد كافأك؟
قلت: أعظم مكافأة، بل يكون قد قدم لي الخدمة التي تحولني إنسانا آخر، ففرق كبير بين أن أجمع الحطب للناس أو أحمل متاعهم، وبين أن أنال تلك المناصب الرفيعة.
قال: فإن الله تعالى وفر للفقير الذي يهزأ الناس من فقره، أو يرحموه لفقره من الفرص ما يلتحق به مع أصحاب الهمم العالية لينال ما نالوه.
قلت: كيف؟
قال: أليست الهمة العالية هي طلب المعالي والترفع عن السفاسف؟
قلت: بلى.
قال: فإن الزهد في الدنيا لا يتحقق به إلا أصحاب الهمم العالية.