قلت: ذلك أرحم لي، ولا يضرني ما اعتقدوا.
قال: فإن أظهرتها بما اشتريت من المتاع.
قلت: خرجت من وصف الفقر إلى وصف الغنى.
قال: في نظرهم، أم في حقيقة الحال؟
قلت: في نظرهم، لأني كنت غنيا قبل نظرهم، بدليل عدم حل الزكاة لي.
قال: فكذلك الزهد.
قلت: فما وجه المقارنة؟
قال: أي سلوك أو مقام من مقامات الدين لا ينفك عن ثلاثة أمور: العلم والحال والعمل، فالعلم دافعها، والحال حقيقتها، والعمل مظهرها وثمرتها.
قلت: اضرب لي مثالا على ذلك من الحس، فإني لا أكاد أفهم المعاني المجردة.
قال: أرأيت لو قربت إلى نار لتحرق بلظاها، ماذا كنت ستفعل؟
قلت: أصيح وأولول، وأدفع بجهدي كله من يريد أن يلقيني فيها.
قال: فهذا العمل، أتعلم أنه لم يكن ليحصل منك ما حصل لولا العلم والحال.
قلت: كيف؟
قال: علمك بأن النار محرقة ملأ نفسك رعبا منها، وذلك الرعب جر إلى ذلك الصياح الذي وقعت فيه.