وهو يقول عن أهل الكتاب:{
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ
اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}(آل عمران:113)؟
ألم تسمع إلى القرآن الكريم
في حديثه عن الأعراب؟
قلت: اشتد عليهم القرآن
الكريم اشتدادا عظيما، لما صدر منهم من أنواع الانحراف، قال تعالى:{ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ
كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(التوبة:97)، وقال تعالى:{ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ
مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ
السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(التوبة:98)
قال: ولكن حكمة القرآن
الكريم تأبى أخذ البرئ بذنب الجاني، فقد أثنى الله على الأعراب ثناء عظيما، فقال تعالى:{ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ
عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ
سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(التوبة:99)
قلت: فأنت تقول إذن بأن
الزهاد كأهل الكتاب والأعراب منهم المحسن، ومنهم المسيء.
قال: نحن لا نتحدث عن هذا
الآن، فذلك موضوع آخر.. نحن نريد هنا تبيين دور الزهد بمعناه الصحيح في تربية
النفس على القناعة، وفي ملأ الفراغ الذي ينشئه الطمع، وفي قتل الفقر الذي يجر
صاحبه إلى الكفر.
قلت: ولكن الحكماء من قومي
يقصرون الزهد على الأغنياء، ففيم يزهد