قال: لا يكون بخسف ولا بمسخ، ولكن
الباطل سيقتل نفسه بنفسه.. سينتحر انتحارا بطيئا..
ثم غاب نظره في الأفق البعيد، وقال
بصوت لا يكاد يسمع: لكأني أراه الآن يمسك سكينا مسموما، وهو يقطع أجزاءه إربا
إربا، وهو بين ذلك يرسل ضحكات مختلطة بأنات كالمجنون.
قلت: يا معلم، فهو الآن إذن ينتحر.
قال: إن أول خطوة يخطوها كل باطل
خطوة يتقدم بها نحو الموت.
قلت: لقد ذكرتني، فقد أخبرتني عن
هلاك هذا النظام الذي يستولي على دفة العالم، فكيف ذلك، ونحن نراه في أوج قوته؟
قال: هو الآخر ينتحر كانتحار كل باطل،
ولا تزيده السنون التي يمهل فيها إلا سقوطا فوق سقوط وانحدارا فوق انحدار.
قلت: هم لا يقبلون هذا إلا بأرقام.
قال: وهم لا يؤمنون بالأرقام؟
قلت: بل هم لا يؤمنون إلا بها،
ألسنا في عصر الأرقام؟