القوالب التي تضعون فيها الفخار لتكونوا
منها أواني تأكلون فيها وتشربون.
قلت: فهل الإنسان آنية فخار، حتى
يوضع في القوالب؟
قال: نعم لأن أرباب المصالح من
المترفين يأبون إلا أن يشكلوا عقول الناس وقلوبهم وأهواءهم بحسب ما تتطلبه خزائنهم
من أموال، وفراغهم من شغل.
قلت: كيف؟
قال: هم يمجدون الرذيلة، إن كانت
سببا لكسب يدر عليهم الأرباح، وهم يحقرون الفضيلة، ويرمونها بأبشع التهم إن وقفت
حائلا بينهم وبين مآربهم.
قلت: فلو سمعوا بك إذن لقتلوك؟
قال: هم لا يستطيعون قتلي، ولكن
يستطيعون التشويش علي، ومن شوش عليك خنق صوتك، ومن خنق صوتك قتله.
قلت: ومن قتل صوتك قتلك.
قال: لا.. لن يستطيع.. يوشك أن
يهلك الباطل ليرتفع صوت الحق، فالحق لا يموت، ألم تسمع قوله تعالى:{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}(الاسراء:81)
قلت: فكيف يكون هذا النوع من
الإسراف سببا للهلاك؟
قال: لقد سمعت الآية، فالباطل الذي
يصادم الحق لا بقاء له، ألم تسمع هذا المثل الذي ضربه الله تعالى:{ أَنْزَلَ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا