قال: أنتم تشغلون الناس عن حياتهم
ورسالتهم وحقائقهم، فتقتلونهم لا بإهلاك أجسادهم، وإنما بقتل أرواحهم.
قلت: كيف ذلك، وهل اللهو ـ الذي هو
فرح الروح ـ قتل لها؟
قال: ألم يقل الشيطان:{ ثُمَّ
لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ
وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}(لأعراف:17)، فهذا
تعبير عن محاصرة الشيطان للإنسان من كل الجهات وتوسله إلى إغوائه بكل وسيلة ممكنة
، وسعيه في إضلاله بكل طريق.
قال: نحن نعبر بهذا الأسلوب في
حياتنا اليومية، فنقول: فلان حاصرته الديون أوالامراض من الجهات الاربع، ولكن ما
علاقة هذا بحياة اللهو اللعب التي نعتبرها من علامات التحضر في هذا العصر؟
قال: لقد أجبت عن سؤالك، فالذي
يحاصر من الجهات الأربع، هل يجد له وقتا يجلس فيه مع نفسه يفكر ويتأمل؟
قلت: كيف؟
قال: أنتم تملأون برامج يومكم ملأ
تاما، فلا تتركون لحظة تتفرغون فيها لحقائقكم، بل قد تعتبرون كثيرا من القضايا
التي يسأل عنها العقل السليم، أو تتطلبها الفطرة النقية، والتي جعلها الله سببا
لطرق بابه، جدلا فارغا، أو ترهات لا معنى للبحث فيها.