قال: نعم.. ألم أقل لك إن
السنن التي تحكم الأفراد هي التي تحكم المجتمعات، والسنن التي تحكم الدين هي التي
تحكم الدنيا.. لأن ربها جميعا واحد؟
قلت: فهمت ما تعلق بهذا في
الدين، لأنه أمر غيبي، ولكني لم أفهم ما يتعلق بذلك من الدنيا، ومن مصالح الناس.
قال: قد وضع الله في جميع
مصالح الدنيا من الفرص ما يصلح به المخطئ ما أفسده، فإن فعله سد منافذ الفساد ووقي
المجتمع شر انحرافه، وإن ترك الإصلاح استقر الفساد، واشتد عوده، حتى يصل إلى درجة
لا يمكن أن يصلح أبدا.
قلت: فهلا ضربت لي مثالا
يوضح لي هذا المعنى.
قال: لو أن أحدهم رمى بعود
ثقاب في غابة في حر شديد، أليس ذلك إفسادا؟
قلت: نعم، فللأشجار حرمة لا
تقل عن حرمة البشر.
قال: فإن أسرع وأطفأها قبل
أن تتمكن وتنتشر، ألا يكون بذلك قد واجه الفساد بالإصلاح؟
قلت: أجل، يكون قد عمل حسنة
لتمحو أثر خطيئة.
قال: ولكنه إن تركها حتى
انتشرت، وعمت الغابة، أكان يملك حينها القدرة