قال: الهلاك الذي توعد الله
به المسرفين، والهلاك إذا حل بقرية لم يميز صالحها من فاسدها، ولا طيبها من
خبيثها.
قلت: تقصد ما ورد في القرآن
الكريم من الإخبار بما حصل للمسرفين، كقوله تعالى:{ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ
الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ}
(الانبياء:9)، وقوله:{ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}(الذريات:34)
قال: ولذلك قال تعالى:{ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ
الْمُسْرِفِينَ}(الشعراء:151)
قلت: وما سر النهي عن
طاعتهم، وما علاقة ذلك بهلاك الأمم؟
قال: سر النهي عن طاعتهم هو
ما عبر عنه الحق تعالى بقوله في الآية التالية لتلك الآية:{ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ
فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ}(الشعراء:152)، فهم لا يكتفون بالإفساد فقط، بل
يضيفون إليه ترك الإصلاح.
قلت: كنت أتصور أن ذكر
الإفساد وحده كاف، فلماذا ذكر معه ترك الإصلاح؟
قال: لأن الإفساد قد يقع،
فيأتي الإصلاح فيسد مواقع الفساد، ويحمي الخلق من أضراره، لكنه إن اجتمع الإفساد
مع ترك الإصلاح كان ذلك الفساد شديدا.
قلت: فذلك ما يشير إليه
قوله تعالى:{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ