خلافتكم اقتضى أن يوكل بعض من رزقكم لبعض.
قلت: ليس بعض رزقنا فقط، بل كل رزقنا، فنحن تحت رحمة الأغنياء.
قال: لو كان كل رزقكم بيد الأغنياء لما عشتم لحظة واحدة.
قلت: كيف؟
مد يده إلي، فأغلق فمي وأنفي، فصحت بيدي، وقد كدت أختنق: لماذا تحاول قتلي، ألست تلميذك؟ وهل أخطأت في شيء؟
قال: لقد أجبتك عن سؤالك.
قلت: كيف تجيبني، وأنت تخنقني.
قال: تصور لو أن هؤلاء الأغنياء الذين تتوهمهم قد ملكوا رزقك، فمنعوك منه، ملكوا هذا الهواء الذي تتنفسه، أكنت تعيش بعده لحظة واحدة؟
قلت: كلا.. إلا إذا استعبدوني لمصالحهم.
قلت: صدقت.. فالله هو المدبر، ولولا تدبيره لهلك الخلق جميعا.
قال: فخذوا من تدبير الله، وتخلقوا به، لتحفظوا وجودكم، وتقتلوا الفقر الكافر الذي يتربص بكم ويستعبدكم.
قلت: أي فقر يتربص بنا، ونحن نختزن ثروة العالم، ألم تعلم ما أفاء الله على بلاد المسلمين من ثروات النفط.. الذهب الأسود؟
قال: إن الله لم يرزقكم ذلك الذهب لتعلقوه على أعناق الحسان، وتهدروه في المواخير، وإنما لتنصروا به المستضعف، وتملأوا به البطون الخاوية،