والإمام الخامنئي لا يكتفي في خطاباته
بالدعوة للاهتمام بهذا النوع من العلوم، وإنما يدعو كل حين إلى الإبداع فيها، ومن
الأمثلة على ذلك ما ذكره في خطاب له مع بعض المثقفين قال فيه: (هناك مسألة بيّنتها
هذه السيّدة المحترمة بما يتعلّق بالعلوم الإنسانية وهي صحيحة تماماً. أولاً، هذا
المطلب الذي ذُكر كان مدروساً بدقّة. ما يُقال من أنّ تطور الفكر يقف خلف تقدّم
العلوم، وما يُقال من أنّ مبدأ التغيّر والتحول في الشعوب قبل العلم والتجربة هو
الفكر، هو كلامٌ صحيحٌ تماماً ومُثبت. ولهذا أنا أظهر حساسية تجاه قضايا العلوم
الإنسانية. نحن لم نقل إنّه لا ينبغي أن نستفيد بأيّ شكلٍ من الأشكال من معارف
الغربيين التي كان فيها الكثير من الطفرات وعبر قرون عدة في مجالات العلوم
الإنسانية المختلفة أو أن لا نقرأ كتبهم، لكن ما نقوله هو أن لا تقلّدوا. وهذه
السيّدة في كلمتها أشارت إلى هذه المسألة وهي مسألة صحيحة)[2]
ثم أضاف مبينا سر الدعوة للانفتاح على
الثقافات المختلفة، ولكن وفق المنهج الإسلامي: (إنّ مباني العلوم الإنسانية في
الغرب تنبع من الفكر المادّي، وكلّ من اطّلع على تاريخ النهضة ولديه معرفة بذلك
وتعرّف إلى شخصيّات هذا العصر، فإنّه سيصل إلى هذه النتيجة قطعاً. حسناً، لقد كانت
النهضة مبدأ التغيّرات المختلفة في الغرب، لكنّ المباني الفكرية الموجودة عندنا
تختلف عن مبانيهم. ولا يوجد أي إشكال في أن نستفيد نحن من علم النفس، وعلم
الاجتماع، والفلسفة، وعلوم الاتصالات، وجميع الفروع العلمية الإنسانية التي
ابتُكرت في الغرب أو توسّعت هناك. لقد قلت مراراً إّننا لا نشعر بالمذلّة من