اسم الکتاب : إيران ثورة وانتصار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 248
ونجد
معها اعتذارا كبيرا عن التقصير في حق الله على خلاف ما تفعله الثورات التي يتحول
المنتصرون فيها إلى مستبدين لا يقلون عن المستبدين الذين ثاروا عليهم.
والثورة
الإسلامية بذلك تحقق تلك المعاني الروحانية الجميلة التي نص عليها قوله تعالى: ﴿إِذَا
جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ
اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّابًا﴾ [النصر: 1 - 3]
فالسورة
الكريمة تصف بدقة تلك الحال الروحانية التي كان عليها قادة الثورة الإسلامية سواء
قبل الانتصار أو بعده، فهم ينسبون كل فضل لله تعالى ابتداء وانتهاء، ويعلنون
استغفارهم كل حين من أي تقصير وقعوا فيه.
وسنذكر
هنا نماذج عن ذلك سواء في بيان دور هذا الجانب في تحقيق الانتصار، أو في الدعوة
للمحافظة عليه باعتباره صمام أمان الانتصار.
1. الجانب الروحي ودوره في تحقيق
الانتصار:
من
خلال مطالعة كلمات قادة الثورة الإسلامية، وخصوصا تلك التي تتعلق بوصف الانتصار
التاريخي الذي كان الجميع مجمعا على عدم إمكانية تحققه بالصورة التي تحقق بها، نجد
تواضعا كبيرا، وروحانية سامية، تتخلى عن كل ألوان الأنا، لتنسب كل شيء لله.
ومن
الأمثلة على ذلك قول الإمام الخميني في خطاب له بتاريخ 1 جمادى الثانية 1406 هـ في
ذكرى انتصار الثورة (عشرة الفجر): (إننا لا نملك شيئاً من عندنا، وكل الذي كان هو
عنايات الله التي استوجبت ظهور هذه الثورة الباطنية التي حوّلت الشعب كله من الحال
السابقة التي نعرفها كلنا إلى الحال المتغيرة التي ترونها الآن مما أدى إلى انتصار
الثورة) [1]