ثم ذكر كيف (قام
بأمر الأبناء الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان، وأصبح الزواقيل وقد جيشوا بالرقة،
واجتمع الأبناء والخراسانية بالرافقة، وقام رجل من أهل حمص، فقال: يا أهل حمص، الهرب
أهون من الغضب، والموت أهون من الذل، النفير النفير قبل أن ينقطع الشمل ويعسر
المهرب، ثم قام آخر من كلب فقال نحو ذلك، فسار معه عامة أهل الشام، وتفللوا.. ثم
حمل هو وأصحابه، فقاتل قتالا شديدا، وكثر القتل والبلاء في الزواقيل، وحملت
الأبناء فانهزمت الزواقيل) [2]
ومن مشاهد تلك
الحرب ما ذكره في أحداث سنة 197 هـ، فقال: (وفيها نزل زهير بن المسيب الضبي
بكلواذا، ونصب المجانيق، واحتفر الخندق، وجعل يخرج في الأوقات عند اشتغال الجند
بحرب طاهر، فيرمي بالمجانيق والعرادات من أقبل وأدبر، ويعشر أموال التجار، وجعل
يؤذي المسلمين، فأتوا طاهرا يشكون منه، وبلغ ذلك هرثمة بن أعين، فأمده بالجنود، ثم
نزل هرثمة نهر تير وبنى عليه حائطا وخندقا، وأعد المجانيق، وأنزل عبيد الله بن
الوضاح الشماسية، ونزل طاهر بن الحسين البستان الذي بباب الأنبار، فضاق الأمين
ذرعا، وتفرق ما كان في يده من الأموال العظيمة، فأمر ببيع ما في الخزائن من
الأمتعة، وضرب آنية الذهب والفضة دنانير ودراهم لينفقها، ثم أمر برمي الحربية
بالنفط والمجانيق، وهلك جماعة، وكثر الخراب والهدم حتى درست محاسن بغداد، وعملت
فيها المراثي، ولم يزل طاهر مصابرا للأمين وجنده، حتى مل أهل بغداد قتاله، فاستأمن
إلى طاهر الموكلون للأمين بقصر صالح، وسلموا إليه القصر بجميع ما فيه في جمادى
الآخرة في منتصفه، ثم استأمن إلى طاهر صاحب شرطة الأمين محمد بن عيسى، فضعف ركن
الأمين واستسلم.