اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75
ومن تلك المشاهد
مشهد التجنيد الإجباري والحيل المستعملة لتحريض المسلمين بعضهم على بعض، وهو نفس
ما نراه في الواقع اليوم؛ فقد ذكر الذهبي أنه كان (في حبس الرشيد عبد الملك بن
صالح بن علي، فأطلقه الأمين وقربه، فدخل عليه هذه الأيام، وقال: يا أمير المؤمنين
إني أرى الناس قد طمعوا فيك، وقد بذلت سماحتك، فإن بقيت على أمرك أبطرتهم، وإن
كففت عن البذل أسخطتهم، ومع هذا فإن جندك قد داخلهم الرعب وأضعفتهم الوقائع،
وهابوا عدوهم، فإن سيرتهم إلى طاهر غلب بقليل من معه كثيرهم، وأهل الشام قوم قد
ضرستهم الحروب، وأدبتهم الشدائد، وجلهم منقاد لي مسارع إلى طاعتي، فإن وجهتني أتخذت
لك منهم جندا تعظم نكايته في عدوه)[1]
وبعد أن قال له
هذا ولاه الأمين الشام والجزيرة، و(استحثه بالخروج، فلما بلغ الرقة أقام بها،
وأنفذ رسله وكتبه إلى رؤساء الأجناد بجمع الأمداد والرجال والزواقيل والأعراب من
كل فج، وخلع عليهم، ثم إن بعض جنده الخراسانية نظر إلى فرس كانت أخذت منه في وقعة
سليمان بن أبي جعفر بالشام تحت بعض الزواقيل، فتعلق بها، فتنازعا الفرس، واجتمعت
الناس وتلاحموا، وأعان كل فئة صاحبها، وتضاربوا بالأيدي، فاجتمعت بعض الأبناء إلى
محمد بن أبي خالد الحربي، فقالوا: أنت شيخنا، وقد ركب الزواقيل منا ما سمعت، فاجمع
أمرنا وإلا استذلونا، فقال: ما كنت لأدخل في شغب، ولا أشاهدكم على مثل هذه الحال،
فاستعد الأبناء، وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف، وقتلوا منهم مقتلة
عظيمة، فتنادى الزواقيل، ولبسوا لأمة الحرب، وشبت الحرب بينهم، فوجه عبد الملك
رسولا يأمرهم بالكف، فرموه بالحجارة، وكان عبد الملك مريضا مدنفا، فقال: واذلاه!
تستضام العرب في دورها، وبلادها وتقتل؟! فغضب من كان أمسك عن الشر من