responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59

ألفا. قال الأصمعي: فعلمت والله أنه أصيد لدراهم الملوك مني [1].

فهذه الرواية لا تشير فقط إلى إعطائه ذلك المبلغ الضخم، وإنما تشير فوق ذلك إلى أن المجتمع كان يتصور ـ من غير أن يشعر ـ أن بيد حاكمه خزائن الرزق، وأن مال الأمة ملك له، ولذلك يكفي أن يرضى الحاكم عنه، لينال ما اشتهى من مال، سواء استحقه أو لم يستحقه، ولذلك صدق الأصمعي في تسمية هارون بالملك، ذلك أن الملك هو الذي يعتقد ذلك الاعتقاد، بخلاف الخليفة الذي يعتقد أنه مستخلف على مال الأمة، وليس له الحق في التصرف فيه.

وهكذا ورد في روايات أخرى في كتاب خصص للمشهورين بالكرم، بعنوان [المستجاد من فعلات الأجواد]، والذي اعتبر هارون من كبار الأجواد، وكيف لا يفعل ذلك، وخزائن الأمة بيده، تجبى إليه الأموال من كل الأرض، ولذلك كان يخاطب السحاب في السماء بكل غرور قائلا: (امطري حيث شئت، فإن خراجك سيأتيني)

ومن تلك الروايات ما روي أن يزيد بن مزيد دخل على هارون، فقال له: يا بن مزيد من الذي يقول فيك:

لا يعبق الطيب خديه ومفرقه.. ولا يمسح عينيه من الكحل

قد عود الطير عادات وثقن بها.. فهن يتبعنه في كل مرتحل

فقال: لا أعرف قائله يا أمير المؤمنين فقال له هارون: أيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟ فخرج من عنده خجلاً؛ فلما صار إلى منزله دعا حاجبه فقال: من بالباب من الشعراء؟ قال مسلم بن الوليد قال: وكيف حجبته عني ولم تعلمني بمكانه، قال: أخبرته أنك مضيق، وأنه ليس في يدك شيء تعطيه، وسألته الإمساك والمقام أياماً إلى أن تتسع قال: فأنكر


[1] العقد الفريد، (1/ 217)

اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست