اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 53
أن يرد الأمر
إلى نصابه، ويطبق الحكم الشرعي في هذه المسألة على نفسه قبل أن يدعي تطبيق الشريعة
على غيره.
وله في ذلك طرق
عديدة كان يمكنه أن يمارسها، لكنه للأسف لم يفعل:
كان في إمكانه
أن يجمع خيار المسلمين من علمائهم وصالحيهم، وما أكثرهم في ذلك الوقت، ويؤسس من
خلالهم برلمانا إسلاميا يكون له الأمر والنهي، مثل البرلمانات التي كانت موجودة في
روما قبل الإسلام.. ولا بأس أن يبقى حينها رمزا للوحدة على المسلمين على أن يترك
الأمر بعده لاختيار المسلمين.
وكان في إمكانه
أن يبحث عن أكثر الناس أهلية في ذلك العصر ليسند الأمر إليه، فلا يصح أن يحكم
المفضول في وجود الفاضل.
وكان في إمكانه
ألا يقوم بكل تلك الحروب التي قام بها من أجل تثبيت ملكه، ويقوم بدلها بإجراء حوار
مع تلك الثورات والمعارضة التي كانت في عصره ليؤسس من خلالها حكما يقوم على
المؤسسات لا على الفرد، وعلى الشورى لا على الاستبداد.
لكنه للأسف لم
يفعل كل ذلك، مع أنه كان بإمكانه أن يفعله إن أراد أن يكون رشيدا لا سفيها.. لذلك
انطبق عليه ما انطبق على كل من هو على شاكلته، فهو ملك، وليس خليفة.. وهو من أصحاب
الملك العضوض الذي أخبر عنه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وليس حاكما راشدا،
ولا رشيدا.
وقد ورد في
الأحاديث التي هجرتها الأمة، ولم تحكّمها عند دراستها للتاريخ، التصنيف الصحيح
لهارون العباسي، فقد قال a: (تكونُ النبوةُ فيكُم
ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعُها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةٌ على منهاج
النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكونُ مُلكاً
عضُوضاً، فتكونُ ما شاء الله ثم يرفعها الله إذا
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 53