اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 49
هل كان هارون العباسي
رشيدا.. أم سفيها؟
من الشخصيات
الكبرى التي راحت تزاحم النبوة والأئمة والصالحين، مع جرائمها الكثيرة في حق الحكم
الإسلام والقيم المرتبطة به شخصية أبي جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر
المنصور (149 هـ - 193 هـ)، الخليفة العباسي الخامس، والذي صار الخطباء والوعاظ
والأكاديميون وعوام الناس يرددون اسمه بكل تقديس وتبجيل، ويتبعونه بالترضي والترحم
وسؤال الفردوس الأعلى، ويتمنون لو أنهم عاشوا ذلك الزمن الذهبي الذي كان فيه حاكما
على الرعية.
وهم يقفون هذه
المواقف من غير بحث أو تنقيب أو دراسة، أو عرض لأعماله على قيم الشريعة، ليروا مدى
تناسبها معها، ولكن العلمانية الفكرية جعلت الشريعة والقيم المرتبطة بها آخر شيء
يمكن أن يفكر فيه هؤلاء.
ولذلك بمجرد أن
تذكر لهم اسم هارون، ينسون هارون النبي، ويتذكرون هارون الملك، ويضيفون إلى اسمه بتلقائية،
ومن غير شعور لقب [الرشيد]، لا باعتباره لقبا ارتجاليا، وإنما باعتباره وصفا من
أوصافه، بل إنهم أحيانا يكتفون بلقبه دون اسمه؛ فتحول الرشد عندهم من قيمة إيمانية
رفيعة لا يمثلها في كمالها إلا الأنبياء والصالحون إلى شخص بعيد عنهم تماما هو
هارون.. ولذلك صار من يبحث عن الرشد لا يذهب إلى الأنبياء والأولياء، وإنما يذهب
إلى هارون.
وهم يوردون عليك
لإثبات ذلك تلك المقولات الكثيرة التي ذكرها المؤرخون عنه، وأنه ـ كما يقول
السيوطي ـ: (كان من أجلّ ملوك الدنيا، وكان كثير الغزو والحج، كما قال فيه أبو
المعالي الكلابي:
فمن يطلب لقاءك
أو يرده.. فبالحرمين أو أقصى الثغور
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 49