اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 41
صلاح الدين
المدينة بعد احتلال صليبي لها مدته خمسة وثلاثون عاماً) [1]
ولو أن صلاح
الدين أمرهم بالعودة إلى البلاد التي جاءوا منها، لكان ذلك مقبولا، لكنه تركهم
يعودون إلى بلاد أخرى يحتلونها من بلاد المسلمين، ليستعيدوا قوتهم، ويبدؤوا
الغارات من جديد، وقد حصل ذلك بالفعل، بل إن الكتاب الولهان بصلاح الدين نفسه
يذكر ذلك، فقد قال: (وتسجل صفحات التاريخ أن صلاح الدين أوفى بوعده مع ملك بيت
المقدس، إذ أطلق سراحه في أثناء حصاره لحصن الأكراد، وشرط عليه ألا يشهر في وجه
السلطان سلاحاً أبداً، فوافق على ذلك، لكنه ما إن بلغ مأمنه في صور حتى نسي العهد
وانضم هناك إلى الصليبيين في قتال صلاح الدين. وسمح صلاح الدين لأهل عسقلان بعد
استسلامهم بأن يغادروها وأن يحملوا معهم أمتعتهم، وتولى عساكر صلاح الدين حراستهم
إلى مصر حيث جرى توفير أسباب الراحة لهم في أثناء مقامهم بالإسكندرية حتى يتم
ترحيلهم إلى بلادهم في أوروبا) [2]
وبناء على هذا
نرى مدى حب الغربيين لصلاح الدين الأيوبي، وحق لهم ذلك، فقد كان سببا من الأسباب
الكبرى لبقائهم وتمددهم في البلاد الإسلامية فترة طويلة، ولو أنه استمر في الحكم
هو وأسرته لما خرجوا منها أبدا.
ومن الأمثلة على
تلك الأقوال التي يوردها في العادة الممجدون لصلاح الدين الأيوبي، والمشيدون
بسماحته مع الصليبيين ما قاله كولونيل البريطاني الذي اتجه في نهاية عمره لدراسة
الإسلام: (لما غزا الصليبيون الأرض المقدسة سنة (1099م)، خلفوا وراءهم في كل مكان
الموت والدمار، بيد أنه لما رد صلاح الدين الصليبيين على أعقابهم، لم يلجأ إلى
وسائل الانتقام، ولم يخرب المسلمون الأماكن التي فتحوها، كما فعل المقاتلون