responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 374

بل إن الصراع لم يقتصر على الخلافات العقدية، وإنما تعداه إلى فروع فقهية بسيطة، لكنها كانت تملأ حياة المسلمين بالغصص، وكان للحكام دور كبير في ذلك، بسبب ميلهم لبعض الطوائف، واستغلال نفوذهم في نصرتها، وهو ما يزيد الأحقاد شدة، ويزيد كذلك التنافس بينهم للوصول إلى مراكز النفوذ، واستثمارها في ضرب الخصوم.

ومن الأمثلة على ذلك أن السلطان محمود بن سبكتكين، وهو من أتباع القادر بالله، لما أراد أن يُفاضل بين المذهبين الحنفي والشافعي ليتمذهب بأحدهما، جمع الفقهاء بمدينة مرو وأمرهم بالبحث في أي المذهبين أقوى، فوقع الاختيار على أن يصلي كل طرف ركعتين يدي السلطان على المذهبين، فقام الفقيه الشافعي أبو بكر القفال وصلى بوضوء مُسبغ، وسترة، وطهارة، وقبلة، وباقي الأركان التي لا يُجوّز الشافعي الصلاة دونها، ثم صلى ـ أي القفال ـ صلاة (على ما يُجوّزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغ قد لُطخ رُبعه بنجاسة، وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذباب، وكان وضوءا مُنكسا، ثم كبّر بالفارسية، وقرأ بالفارسية: دو بركك سبز. ونقر ولم يطمئن، ولا رفع من الركوع، وتشهّد وأخرج الريح بلا سلام)، فقال له السلطان: (إن لم تكن هذه الصلاة يُجيزها الإمام قتلتك)، فأنكرت الحنفية تلك الصلاة، فأمر القفال بإحضار كتبهم فوجدوا الأمر كما قال القفال، وتحوّل السلطان محمود إلى المذهب الشافعي[1].

ولو أن هذا السلطان أحضر حنفيا، وطلب منه أن يذكر له فتاوى الشافعية الشاذة، لذكر له ما ينفره منه، وهذا ما حصل في فترات كثيرة، وخاصة في عهد الدولة العثمانية، حين أصبح المذهب الحنفي هو السائد والمسيطر بسبب تبني العثمانيين له، وانتقامهم من الشافعية الذين تبناهم السلطان صلاح الدين الأيوبي(ت 589هـ)، الذي كان شافعي الفروع، أشعري


[1] الذهبي: السير ، ج17 ص: 486 .

اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست