وقد كان في إمكان هذا الاعتقاد
أن ينص على احترام الصحابة باعتبار صحبتهم لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من غير تسمية، ولا ترتيب، ذلك أن لكل طائفة صحابة تفضلهم، وترى
أنهم أولى من غيرهم.. وبذلك تنتفي المشكلة، لكن القادر بالله عالج القضية بما
عالجها به قسطنطين، فراح يحارب الطوائف بعضها ببعض، لتنشغل عن الإيمان بالله،
وبالبحث عن أسمائه الحسنى، بالبحث في أسماء الصحابة، وأيهم أفضل من غيره.
وقد تحولت هذه العقيدة الجديدة
بعد ذلك إلى عقيدة أكبر من كل العقائد حتى أن كل أعمال المؤمن تحبط عندهم إن قال
بفضل علي على أبي بكر.. وكأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يُرسل إلا لأجل أن يفاضل الناس بين أصحابه.
وقد كان سند القادر بالله على
هذه العقيدة الغريبة ما ورثه من أصحاب الملك العضوض الذين سبقوه، ومنها قول أيوب
السختياني: (من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان استنار بنور الله عز وجل، ومن أحب عليا فقد أخذ بالعروة الوثقى، ومن أحسن الثناء على أصحاب رسول الله k فقد برئ من النفاق ومن ينتقص أحدا منهم
أو يبغضه لشيء كان منه فهو مبتدع مخالف للسنة والسلف الصالح، والخوف عليه أن لا يرفع له عمل إلى
السماء حتى يحبهم جميعا ويكون قلبه لهم سليما) [2]
ولست أدري من أين له كل هذه
الأحكام الخطيرة التي تحتاج إلى معصوم لإثبات أي حرف منها، فهل صارت إقامة الدين جميعا متوقفة على
حب أبي بكر.. وهل صار حب عثمان سببا للاستنارة بنور الله.. ومن أين استنبط كل هذه الأنواع العجيبة
من الجزاء والعقوبة،
أم أن الجزاء
والعقوبة محل اجتهاد،
ويحق للسلف أن
يتحدثوا فيها بما شاءوا،