اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 329
الدين من قلوبهم، أو الذين لا
تزال رواسب الشرك لم تنقلع عنهم، فيستخفونهم، ويتلاعبون بعقولهم، وقد أشار القرآن
الكريم إلى ذلك عندما ذكر بني إسرائيل، واستعجالهم عبودية العجل، بمجرد غياب موسى
عليه السلام، مع كون هارون عليه السلام بينهم إلا أنهم عزلوه، وراحوا يلتفتون
للسامري، باعتباره ـ عندهم ـ أكثر صحبة وأرفع درجة من هارون.
وهكذا وقع التحريف في العقائد
الإسلامية عندما التف الجماهير ـ بتأييد وتشجيع من أصحاب العضوض ـ بكعب الأحبار
ووهب بن المنبه ومقاتل بن سليمان وغيرهم، تاركين الصادقين السابقين الذين ضحوا بكل
شيء في سبيل الإسلام، ثم كان مصيرهم العزل من كل شيء.
ولهذا تسللت كل خرافات الأمم إلى
هذه الأمة، بسبب تلك المجالس التحريفية للقرآن الكريم، والتي كانوا يوهمون الناس
أنها مجالس علم، وأن الملائكة تحيط بها، بينما لم يكن يحيط بها سوى الشياطين.
وكيف لا تحيط بها الشياطين، وهي
تملأ العقول التي هذبها القرآن، بذلك التراث المدنس الذي جاء الإسلام لمواجهته..
لكن ما هي إلا فترة قصيرة حتى صار تفسير القرآن الكريم مفتوحا لمن هب ودب، وراح
العلماء الذين وكل إليهم حماية التنزيل من أن تتسرب إليه خرافات التأويل يتهاونون
في ذلك، ويتساهلون، ويرددون ما قاله الإمام أحمد: (ثلاثة كتب ليس لها أصول المغازي
والملاحم والتفسير)[1]
ويعنون بذلك أن التشدد في النقل
ارتبط فقط بفروع الأحكام الفقهية، وخاصة ما تعلق بكيفية الطهار والصلاة ونحوها،
أما في حقائق القرآن الكريم، وقصصه وعقائده، فالأمر فيها يسير وسهل.