اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 320
بما فيهم الإمام علي عليها، يدل
على ما يسمى إجماعا سكوتيا.. وذلك لعلم الصحابة بكون رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم اعتبر عمارا علامة مميزة بين الفئة
الصادقة المحافظة على أصالة الدين والفئة الباغية صاحبة الثورة المضادة، ويدل على
ذلك ما ما حدث به أبو عبد الرحمن السلمي قال: شهدنا مع علي صفين فرأيت عمار بن
ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد a يتبعونه كأنه علم لهم[1].
ولم يكن أمر التحذير قاصرا على
عمار بن ياسر، بل إن المحذرين منه كثير، ومنهم سعيد بن زيد بن عمرو، فقد حدث محارب
بن دثار قال: كان مروان على المدينة، فأمر الناس أن يبايعوا ليزيد وأرسل إلى سعيد
بن زيد بن عمرو بن نفيل أهل الشام يدعوه إلى البيعة، قال: فخرج رجل أشعث أغبر رث
الهيئة فقال: (يأمرني مروان أن أبايع لقوم ضربتهم بسيفي حتى أسلموا ولكن استسلموا
فقال أهل الشام مجنون) [2]
وفي رواية أن معاوية كتب إلى
مروان بالمدينة يبايع لابنه يزيد، فقال رجل من أهل الشام ما يحبسك؟ قال حتى يجئ
سعيد بن زيد فيبايع فإنه سيد أهل البلد إذا بايع بايع الناس قال: أفلا أذهب فآتيك
به، قال: فجاء الشامي وأنا مع أبي في الدار قال: انطلق فبايع قال: انطلق فسأجئ
فأبايع فقال: لتنطلقن أو لأضرب عنقك قال: (تضرب عنقي؟ فوالله إنك لتدعوني إلى قوم
أنا قاتلتهم على الإسلام، قال: فرجع إلى مروان فأخبره، فقال له مروان:
[1]
الاستيعاب: ج 1 / ص 352)، وقد علق الشيخ حسن المالكي على الحديث بقوله: (والسند
صحيح على شرط الشيخين، وعلى هذا فقد كان على رأي عمار ثمانون من أهل بدر وثمانمائة
من أصحاب بيعة الرضوان، وهذه السلفية العتيقة، لا تقاومها سلفية ابن عمر ولا غيره،
مع أن ما ثبت عن المعتزلين وهم قلة سعد وابن عمر يتفق مع علي وعمار وقد ندم
المعتزلون وأبرزهم سعد وابن عمر، مع أن ابن عمر ليس بدرياً.. إلا أن السلفية
المحدثة غلت فيه بسبب حرصه على بيعة يزيد وتردده في بيعة علي وهذه من أخطائه رحمه
الله وسامحه.. إلا أنهم لا ينقلون ندمه على ترك القتال مع علي، ولا تحديثه بحديث
لعن معاوية ولا تهديد معاوية له بالقتل إن روى مثل هذه الأحاديث)، انظر: بحث في
إسلام معاوية، ص86.