اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 319
الجنة، وأن موتى أعدائهم
وقتلاهم في النار، وكان أحياؤهم على الباطل[1].
فهذه الرواية الخطيرة التي
يصدقها كل شيء تدل على موقف السابقين الصادقين من الصحابة من الفتنة التي أحدثها
معاوية ومن معه من الفئة الباغية، وأنها لم تكن قاصرة على موقف سياسي أو على مطالب
بسيطة، وإنما كان الهدف منها تحريف الدين وتغييره تماما.
وقد أشار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى ما ذكره عمار بن ياسر في الحديث
المشهور الذي أخبر فيه عن قتال الإمام علي لمن يريدون تحريف القرآن الكريم، ففي
الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى به إلى علي، فقال: (إن منكم
رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله)، قال أبو بكر: أنا،
قال: لا، قال عمر: أنا، قال: (لا، ولكن خاصف النعل) [2]
وفي رواية عن أبي سعيد قال: كنا
نمشي مع النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فانقطع شسع نعله، فتناولها علي يصلحها، ثم مشى، فقال: إن منكم
لمن يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، قال أبو سعيد: فخرجت فبشرته
بما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فلم يكبر به فرحا، كأنه قد سمعه[3].
ونحب أن ننبه هنا إلى أنه لا
تناقض بين هذه الروايات وبين ما روي من عدم تكفير عمار بن ياسر لأهل الشام الذين
حاربوا الإمام علي[4]، لأن الكثير منهم كان من المغرر
بهم، والجمع بينهما سهل يسير.
ونحب أن ننبه كذلك إلى أن أحاديث
عمار الكثيرة في معاوية وموافقة كبار الصحابة
[1]
نصر بن مزاحم في كتابه في وقعة صفين: ج 1 / ص 320)
[3]
فضائل الصحابة للإمام أحمد: 2 / 627، وانظر: مسند الإمام أحمد 3 / 82، المستدرك
للحاكم 3 / 122.
[4] ومن تلك الرويات ما ورد في مصنف
ابن أبي شيبة (8/722) عن زياد بن الحارث قال: كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين،
وركبتي تمس ركبته، فقال رجل: كفر أهل الشام، فقال عمار: لا تقولوا ذلك نبينا
ونبيهم واحد، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق، فحق علينا
أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 319