ومنها قول عمار بن ياسر: (يا أهل الإسلام أتريدون أن
تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما فلما أراد الله أن ينصر دينه وينصر رسوله
أتى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فأسلم وهو
الله فيما يُرى راهب غير راغب وقبض رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وإنا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودة المجرم! ألا وإنه معاوية
فالعنوه لعنه الله وقاتلوه فإنه ممن يطفي نور الله ويظاهر أعداء الله)[2]
ومنها ما روي عن عبد الله بن
سلمة قال: رأيت عماراً يوم صفين شيخاً كبيراً آدم طوالاً أخذ الحربة بيده ويده
ترعد فقال: (والذي نفسي بيده لقد قاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ثلاث مرات وهذه الرابعة، والذي نفسي
بيده لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعرفت أن مصلحينا على الحق وأنهم على
الضلالة)[3]
ومنها ما روي عن عبد الله بن
سلمة، قال: كنا عند عمار بصفين وعنده شاعر ينشده
[1] رواه الطبراني في الكبير، ورواه
ابن أبي خيثمة في تاريخه المسمى تاريخ ابن أبي خيثمة: 2 / 991)، وانظر: الهيثمي في
مجمع الزوائد (1/118)، وقد علق الشيخ حسن بن فرحان على هذا الحديث الخطير بقوله:
(السند صحيح على شرط الشيخين إلا سعد بن حذيفة بن اليمان وهو تابعي كبير ثقة، بل
يحتمل أن له صحبة.. فالسند صحيح ورجاله كلهم ثقات سمع بعضهم من بعض.. وعنعنة
الأعمش في الصحيحين، وهذا القول قاله عمار بن ياسر يوم صفين، ومعناه واضح؛ فعمار
بن ياسر ميزان تلك الحروب يقسم بالله أن معاوية وأمثاله من رموز أهل الشام لم
يسلموا يوم فتح مكة، وإنما استسلموا وخضعوا حتى يجدوا على الحق أعواناً، وله شاهد
من حديث ابن عمر في قصة التحكيم: (أولى بهذا الأمر من ضربك وأباك على الإسلام حتى
دخلتم فيه كرهاً) واصله في صحيح البخاري، ويدل على هذا القرآن الكريم:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ
تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 6] وأمثالها من الآيات التي
ستتناول رؤوس الكفر أكثر من تناوله عوامهم، عدل الله يقول هكذا)، انظر: بحث في
إسلام معاوية، ص67.
[3] قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 7
/ ص 175): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن سلمة وهو
ثقة، وقال البوصيري في كتابه: (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة) (ج 8
/ ص 5): رواه أبوداود الطيالسي وأبو يعلى وأحمد بن حنبل بسند صحيح.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 316