اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 310
الملك العضوض.. والصياغة البشرية للدين
في البدء.. كانت كل الأديان
إلهية، ومملوءة بالقيم النبيلة.. ولم يكن في مصادرها المقدسة أي مس بكرامة الإنسان
أو حريته أو حقوقه.. ولم يكن فيها إلا التناسق الجميل مع حقائق الحياة والكون؛
فكان العقل والعلم والفطرة والدين وجوها لذات واحدة، يؤدي بعضها إلى بعض، ويبرهن
بعضها على بعض.
وكان الرسل وورثتهم مثالا ناطقا
مجسدا لكل تلك التعاليم، فلم يكونوا سوى مظاهر لرحمة ربهم وعدالته ولطفه بعباده..
ولم تكن شريعتهم إلا تلك الشريعة المتناسبة مع أسماء الله الحسنى التي جعلها الله
مفاتيح للكون والحياة والشريعة وكل شيء.
لكن ذلك كله لم يكن يعجب ورثة
إبليس من أصحاب الملك العضوض، أو الممهدين لهم؛ فلذلك كانوا يسرعون كل حين إلى
ورثة الأنبياء؛ فيحجبونهم عن وظائفهم التي وُكلت لهم، ويبحثون عن لصوص الأديان،
ويعطونهم ثمنا قليلا، لينسجوا لهم دينا على مقاسهم، بحيث يتيح لهم التملك والسيطرة
والاستبداد.
وحينها يبدأ اللصوص في تفسير
كلمات ربهم المقدسة بما ينسجم مع أهواء أصحاب الملك العضوض، ثم يشتغل التنافس
بينهم، أيهم يضيف للدين أكثر، وهنا تبدأ العقول المدنسة في مزاحمة كلمات ربها
المقدسة.. لتملأها بالدجل والخرافة وكل ألوان الأهوء.
ثم يشتغل الخلاف بينهم، مثلما
يشتغل الخلاف بين قطاع الطرق، ليتحول الدين بعدها لعبة من اللعب، يضيفون إليها
وينقصون، ليرتاح الأمراء في قصورهم التي بنوها على جماجم المستضعفين في الوقت الذي
تتقاتل فيه الرعية بسبب تلك الإضافات والتلبيسات.
وهكذا تتحول الرعية التي سلمت
دينها لأولئك اللصوص، من الاشتغال بالبحث في أسماء الله والتحقق بها والسير على
منهاجها، إلى البحث عن صورة إلهها وجهته ومكانه
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 310